الثوابت المتحركة- جدلية التغيير والتطور في المجتمعات

المؤلف: عبده خال10.22.2025
الثوابت المتحركة- جدلية التغيير والتطور في المجتمعات

الحركة هي الركيزة الأساسية للحياة، فالمجتمعات تتشكل من نسيج بشري متنوع يتأثر بهذه الديناميكية المستمرة. المجتمعات الراكدة تعجز عن الانسجام مع المستجدات المتطورة، لأن الجمود هو عين السكون. وفي هذا المسار الحركي المتواصل، لا يمكن لأي جزء من أجزاء المجتمع أن يظل ثابتاً ومتخلفاً عن الركب، بل يجب أن تتناغم كافة المكونات مع وتيرة الحياة المتسارعة، وتتكيف مع المتغيرات الدافعة نحو التقدم. وأي تباطؤ أو تقاعس من جانب أي مجتمع، سيؤثر سلباً على مكانته بين المجتمعات النشطة.

تداعت إلى ذهني إشكالية الثابت والمتغير عندما استمعت إلى لقاء مع مسؤول ثقافي عربي يتحدث بإسهاب عن الثوابت الثقافية التي يعتبرها حجر الزاوية في قرارات المؤسسة التي يرأسها، مؤكداً أنه لا يمكن التخلي عن هذه الثوابت قيد أنملة. وأسهب في الحديث عن تلك الثوابت التي تجاوزها الزمن والواقع بمعطيات حياتية وثقافية متجددة تسخر منها.

أرى أن حركة الزمن المحيطة بنا لا تترك أي جانب من جوانب الحياة في حالة جمود مطلقاً، بل تتحرك جميع المكونات في انسجام تام. التشبث بالثوابت القديمة يعني الموت البطيء، ومن يرغب في مواكبة حركة الحياة عليه أن يجدد ثوابته باستمرار. ففي كل مرحلة زمنية، هناك ثوابت قابلة للتغيير بما يتماشى مع ديناميكية الواقع المتجددة. فالمعطيات المستحدثة تغير جوهر كل ثابت، فليس هناك ثوابت تبقى جامدة لمئات أو عشرات السنين، بل لكل زمن حركة تتناسب مع واقعه المتغير. وهذا لا يعني الانسلاخ عن الهوية أو الاستسلام للابتزاز، وإنما يعني أن جوهر ما نؤمن به يمتلك طاقة متجددة قادرة على البقاء والنمو عبر مختلف التحولات الزمنية.

فالهوية الثقافية أو الدينية، إذا لم تكن قادرة على التطور والتكيف مع مرور الزمن، ستتخلف عن الركب مهما ادعينا توافق تلك الثوابت مع المتغيرات المتلاحقة التي تفرضها حركة الحياة.

وكل من يراقب الحركة الديناميكية المتسارعة للمملكة العربية السعودية، يرى أنها قطعت أشواطاً واسعة من التطور والنماء في شتى المجالات، مقارنة بما كانت عليه في السابق. فالقرارات السيادية التي اتخذها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، أدت إلى التحرر من الجمود والانطلاق نحو حركة فاعلة ومتصاعدة، لأن كل نجاح يقود إلى نجاح آخر.

لا يمكن التعويل على الركون إلى الثبات لتحقيق التقدم والازدهار، ولكن بفضل الله، نحن نتقدم بخطى واثقة بفضل هذه الحركة النشطة التي نشهدها، والتي تهدف إلى تحقيق مستقبل زاهر بأفضل النتائج الممكنة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة